الكفاءة.. حتى لا تبكي مصر على نفسها!

لقد أرسى أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ قواعد بناء الدولة الحديثة التي تجعل المعارضة واجبة وليست حقًا فحسب فهو ـ رضي الله عنه ـ أول من سن سنة الإلحاح على الرعية في مراقبة الحاكم ومحاسبته ومعارضته.. إذ قال في أول خطبة له بعد بيعته للخلافة: "إني قد وليت عليكم وليست بخيركم.. فإن أحسنت فأعينوني.. وإن أسأت فقوموني" وسار على دربه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال: "أيها الناس من رأى منكم فيَّ اعوجاجًا فليقومه" فيجيبه أحد الحاضرين قائلًا: "لو رأينا فيك اعوجاجًا لقومناه بحد سيوفنا" فيرد عليه قائلًا: الحمد لله الذي جعل من أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) من يقوم اعوجاج عمر بسيفه.



وسار على دربهم دكتور محمد مرسي، حين قال في أول بيان له بعد توليه رئاسة الجمهورية: "إني قد وليت عليكم وليست بخيركم.. فإن أحسنت فأعينوني .. وإن أسأت فقوموني".

فأجبته ناصحًا: يا سيادة الرئيس لقد وقف الشعب المصري والإخوان المسلمون منهم ـ مع ثورة 23 يوليو 1952م مؤيدًا ومحبًا ومضحيًا بكل غالٍ ورخيص في سبيل إنجاح هذه الثورة.



وبعد مرور أعوام قليلة بل شهور فوجئ الشعب المصري والإخوان المسلمون أكثرهم مفاجئة من غيرهم.. حيث قام الرئيس جمال عبد الناصر بإقصاء معظم الكفاءات الوطنية والإخوان المسلمين منهم وإبعادهم عن الحياة السياسية ـ بحجة مصلحة الوطن ـ وتقديم أهل الثقة وإن كانوا غير مؤهلين لقيادة البلاد آن ذاك.. فقام بتعين الرائد عبد الحكيم عامر قائدًا للجيش المصري ورقاه من رائد إلى لواء.. ثم مشير فكانت النتيجة:

1- التصدق بدماء الشهداء في اليمن وغيرها من البلدان العربية.

2- هزيمة 1956م.

3- نكسة 1967م.



حينها بكي الشعب المصري على الملك فاروق مقارنة بما أحدثه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ـ مع العلم أن له حسنات لا ينساها له التاريخ ـ ولكن للأسف أجد التاريخ يعيد نفسه حين تقصى الكفاءات الوطنية والإسلامية الشريفة والأمينة ويقدم أهل الثقة ويعين الرجل المناسب ـ الصالح ـ في المكان غير المناسب.. ويتولى بعض الشخصيات قيادة لجان ومجالس ومؤسسات ما كان ينبغي لمثلهم قيادتها، فضلًا عن عضويتها.. وهذا يخالف سنن الله الكونية التي لا تحابي ولا تجامل أحدًا أبدًا ولو كان صالحًا.. فمن اصطدم بها حطمت رأسه.



فعلينا أن ندرك الكارثة قبل تفشيها.. حتى لا تتكرر المأساة.. وحينها لا يبكي الشعب المصري على مبارك فحسب.. ولكن ستبكي مصر الوطن على نفسها في وقت لا ينفع فيه الندم.
[/b]
[/b]