جريدة العميد ترحب بالسادة الزائرين
رئيس مجلس الإدارة
صادق القماح

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

جريدة العميد ترحب بالسادة الزائرين
رئيس مجلس الإدارة
صادق القماح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

النخبة وثقافة التبرير!ّ بقلم صالح ابوالعباس

اذهب الى الأسفل

النخبة وثقافة التبرير!ّ  بقلم صالح ابوالعباس Empty النخبة وثقافة التبرير!ّ بقلم صالح ابوالعباس

مُساهمة من طرف صالح ابوالعباس الثلاثاء 13 نوفمبر 2012 - 22:10



من طريف الحكايات أن أحد الآباء دخلَ علي أحد أبنائه فوجدَه رافعًا يده إلى السماء يقول "يا رب يا رب اللهم اجعل 5+2=10،اللهم أجعل 5+2=10!"
فنهرَه الأب وسأله لمَ تقول ذلك فرد الابن قائلًا: "أصل أنا عملتها كده في الامتحان" تأملتُ هذه القصة على بساطتها وكأنها تصف حال كثير ممن يتصدرون المشهد السياسي والإعلامي بل والديني أيضًا؛ حيث الطرح يسبقُ التأصيل العلمي.
وتجد البعض يعرض رؤيته في موضوع ما، ثم بعد ذلك يفكر في طرحه ويؤصل له ويجمع من الأدلة ما يبرر بها صحة رأيه، وهذا ما يُسمي بالتمحور الفكري القائم على التبرير، ودوران الشخص حول ذاته وإن خالف الحق والصواب.
أما الفكر الرشيد والنهج الصحيح فهو القائم علي الدليل والتأصيل العلمي الدقيق والاعتراف بالخطأ متى تبين.
حين تقرأ في الفقه الشافعي تجد قول الشافعي في الجديد وقول الشافعي في القديم والأخير هو مذهبه الذي كان يُفتي به في العراق قبل أن يأتي إلي مصر وتتغير الأشخاص والأعراف بل وينضج فكره ويزداد علمًا وفهمًا، فلم ينشغل الشافعي ـ رحمه الله ـ بالتبرير على صحة رأيه الذي كان يُفتي به في العراق، إنما انشغل بنقد ذاته وتطوير منهجه العلمي والارتقاء به ليصل إلى أكمل صورة باستطاعته الوصول إليها.
ـ وكان له أتباع وتلاميذ من بلدان كثيرة ـ فغير الإمام الشافعي رضي الله عنه مذهبه الذي كان يفتي به في العراق عدا 36مسألة على أكثر الأقوال، فلم يقدح ذلك في شخصه رضي الله عنه ـ والترضي علي غير الصحابة من باب الدعاء ـ بل أصبح إمامًا متبعًا عند أهل السنة في مصر وغيرها من البلاد العربية..
بل الأعجبُ من ذلك كل العجب فهو موقف سلطان العلماء العز بن عبد السلام حينما سأله أحد السائلين فأجابه عن سؤاله، فلما راجعَ الإمامُ رأيه وجد أنه أخطأ، فذهب يبحث عن السائل ليصحح له الخطأ فلم يجده، فأرسل تلاميذه في الطرقات والأسواق يصيحون بأعلى أصواتهم: لقد أخطأ العز بن عبد السلام في كذا!!
هكذا.. لم ينشغل سلطان العلماء بتبرير موقفه وتمرير خطئه برغم إمكانية تمريره وتبريره، وهو قادر على ذلك، وهو قاضى القضاة وسلطان العلماء ولم ينقص ذلك أيضًا من قدره عند تلاميذه.
فعلى الدعاة العلماء والمفكرين والسياسيين وممن يُسموَن بالنخبة أن يفكروا في أقوالهم قبل أن يتكلمون بها.. فإن وجدوا خطأً فعليهم أن يُصوبوه ويصححوه، ولن ينقص ذلك من قدرهم عندنا.. ولكن ينقص قدرهم عند أتباعهم وتلاميذهم ومريديهم،
ولدينا تجربة رائدة حديثة فى الحركة الإسلامية في مصر، أعادت سيرة هؤلاء الأقطاب البارزين في العلم والفقه والنضال السياسي في وجه ظلم الولاة وطغيانهم؛ لقد وقفوا وتأملوا فى مسيرتهم الطويلة ونقبوا عن الأخطاء فيها وصححوها استنادًا إلى صحيح الشرع وتماشيًا مع متطلبات الواقع .
ولم ينشغلوا ولم يهدروا الوقت فى تبرير مواقفهم وأخطائهم السابقة، رغم ما فى ذلك من إبقاء لكثير من هالة النفوذ وسطوة الحُضور وسط أتباعهم، إنما ضحوا بكل شيء في سبيل ترسيخ الحق والانتصار للمنهج الصحيح.
ولم ينقص ذلك من قدرهم، إنما زادوا رفعة، وزادهم تجردهم للحق تألقًا، وتضاعف حبهم في القلوب، وربحوا تقدير الجميع لمَواقفهم الشُجاعة.
فعلى النخبة الإسلامية والمدنية ألا يتكلموا في غير تخصصاتهم فمن تكلم في غير تخصصه أتى بالعجائب.. فتخصصوا يرحمكم الله، وعليهم ألا يغتروا ولا يعاندوا الحق، ولا يستكبروا على الاعتراف بالخطأ والرجوع سريعًا عنه.
لأن 5 + 2 لن يكونَ مجموعها يومًا 10، ولن يٌقر لهم أحد بذلك.

صالح ابوالعباس
مشرف
مشرف

عدد المساهمات : 12
تاريخ التسجيل : 11/11/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى